الأب باولو
باولو دالوليو من مواليد العاصمة الإيطالية روما عام 1954، بدأ نشاطه الكنسي كراهب يسوعي، قدم إلى بيروت ليكمل دراسته الجامعية، فأتقن اللغة العربية من خلال متابعته رسالة الدكتوراه التي قدمها تحت عنوان (الإسلام والأمل)، حيث آمن بأهمية التواصل الحضاري المبني على القيم.
زار سورية في بداية ثمانينات القرن الماضي أكثر من مرة، وفي 1982 قصد دير (مار موسى الحبشي السرياني) الأثري، في منطقة القلمون، على بعد نحو 80 كم شمال العاصمة دمشق، فأحبه وسكن فيه وبدأ يسعى لإعادة ترميمه ليصبح صالحًا للزيارة وممارسة الطقوس الدينية
استعان بطلاب كلية الفنون الجميلة -حينئذ- وفعلًا تم إصلاح الفسيفساء واللوحات الجدارية في الكنيسة القديمة، التي أنشأت في القرن الحادي عشر الميلادي.
أصبح دالوليو كاهنًا للسريان الكاثوليك في الدير، وأخذت الحياة تعود إلى ذلك المكان، إذ استقطب السائحين من دول عدة، كما خصص فيه مكانًا مفروشًا بالسجاد، ومتاحًا لأي زائر مسلم يريد أن يؤدي صلاته.
أسس مجموعة باسم (خلية الخليل)، تضم فئات مختلفة من الشباب من أصول متنوعة، كنواة لحوار مستمر ومنفتح يتجاوز الحدود السورية.
أيد الأب باولو ثورة السوريين منذ انطلاقها في آذار/ مارس 2011، ودعا السلطة السورية، إلى وقف العنف واتخاذ لغة الحوار في التعامل مع المتظاهرين، وتغليب مصلحة الوطن من خلال مشروع ديموقراطي يصل بالبلاد إلى انتقال سلمي للسلطة.
فتح الكنيسة لخدمة الناس، وساعد في تقديم الإغاثة للمنكوبين، وقدم الحماية لبعض الملاحقين والمطلوبين للأمن من الذين شاركوا في التظاهرات.
وجه رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة يحث فيها المنظمة الدولية بالعمل على حماية السوريين، وكان دائمًا وسيط خير لإطلاق سراح المخطوفين.
أثار حفيظة نظام الأسد بسبب موقفه، فأصدر الأمن السوري مذكرة تقول بأنه غير مرغوب به في سورية وعليه مغادرتها.
حاول تجاهل القرار بالبداية، لكن الكنيسة أصدرت قرارًا يتضمن إبعاده عن منصبه وعمله في ذلك الدير في سورية، فغادر إلى لبنان في حزيران/ يونيو 2012، لكنه عاد ليدخل سورية من مناطق الشمال ليقدم ما استطاع من مساعدة للناس في تلك الفترة التي وصفت بالعصيبة.
بعد ظهور تنظيم (داعش) الإرهابي، وتمدده في بعض المناطق السورية ومنها مدينة الرقة، تم اختطاف صحفيين فرنسيين وبعض الناشطين السوريين، فقرر الأب باولو الدخول إليها والتوسط لمحاولة إطلاق سراحهم، لكنه اختفى منذ لحظة دخوله مركز قيادة (داعش)، في مبنى محافظة مدينة الرقة في تموز/ يوليو 2013.
أصدرت (الرابطة السورية للدفاع عن حقوق الإنسان) بيانًا في أيار/ مايو 2014، قالت فيه إن لديها معلومات من مصدر منشق عن (داعش)، تفيد أن أحد قادته في الرقة “أعدم الأب باولو بعد احتجازه لمدة ساعتين، في سجن التنظيم في مبنى المحافظة، في 29 تموز/ يوليو 2013″، ووفق البيان فإن الأب باولو شارك بمظاهرة مسائية ضد نظام الأسد في المدينة، بتاريخ 28 تموز/ يوليو، ثم توجه في اليوم التالي إلى مبنى المحافظة، ليغدر به اثنان من (داعش) سعوديا الجنسية، لقبهما (كساب وخالد الجزراوي)، وقتلاه بـ 14 رصاصة.
وصف حال سورية قبل الثورة بقوله: “عاشت سلامًا مشبوهًا لعشرات السنين، فالمعتقل كان ممتلئًا وغرفة التعذيب (شغالة)، والخوف مسيطرًا، والناس يخافون الحديث عن الحكومة حتى في (فراش العرس)”.
هاسبيديا
حافظ قرقوط