تخطى إلى المحتوى

عمر أبو ريشة

حافظ قرقوط – هاسبيديا

عمر بن شافع أبو ريشة، شاعر وسياسي سوري، مواليد 1910 في مدينة منبج شمال شرق مدينة حلب، شغل والده شافع منصب قائمقام طرابلس في لبنان والخليل في فلسطين، ومن ثم منبج، وجاء لقب أبو ريشة بعد أن أمرت السلطة العثمانية جدّه، بوضع ريشة فوق عمامته عليها “كريم الجوهر” وذلك لتكريمه من قبل السلطان، فأصبح لقبهم “أبو ريشة”.

تلقى أبو ريشة تعليمه الابتدائي في مدرسة (النموذج) في مدينة حلب، وانتقل إلى بيروت عام 1924 ليتابع تعليمه الثانوي في المدرسة الأميركية، ووصفه زملاؤه منذ أن كان يافعا بـ “الخطيب والشاعر، والمؤلف المسرحي”.

تعرف خلال وجوده في لبنان، على عدة شعراء بارزين منهم إبراهيم طوقان وحافظ جميل ووجيه البارودي.

سفره إلى بريطانيا
سافر إلى مانشستر في بريطانيا عام 1929، ليتابع دراسة الكيمياء وأصبغة النسيج، وكانت فرصة هامة له، ليتعرف على الشعر والأدب الإنكليزي، لشكسبير وميلتون وغيرهم، كما اطلع على قصائد الشاعر الفرنسي بودلير، وتعمق بالأدب ليبتعد عن الكيمياء.

أخذ أبو ريشة عن والدته (أم عمر)، مفاهيم التصوف والنظرة إلى الحياة والحب، من خلال إلقائها وحفظها للشعر، وقال عن ذلك: “في البيئة المتصوفة، حيث نشأت، أُتيحَ لي الإصغاء، وأنا بعد طفل إلى أناشيد لم أكن أسمع مثلها في غير تلك البيئة، فأرددها برفقة أهلي، وأصدقاء أهلي، دون أن أدرك أبعاد معانيها”.

تأثر أبو ريشة بقصة حب عاشها في إنكلترا مع ابنة صاحب معمل النسيج الذي تعلم فيه، حيث اعتنت به تلك الفتاة (نورما)، في أثناء إصابته بمرض النكاف (أبو كعب)، وبعد شفائه عاد إلى حلب ليأخذ موافقة والديه على الزواج منها، وحين عاد إليها في بريطانيا، وجدها قد أصابتها العدوى من مرضه، وتوفيت على إثر ذلك، فكتب فيها الشعر ليعبر عن ذلك الحب وحزنه لفراقها، وعاد إلى حلب، في 1932، وعُين فيها مديرا لـ (دار الكتب الوطنية).

أبو ريشة السفير
تفاعل أبو ريشة مع الأحداث الكبيرة التي عايشها، ومنها الاحتلال الفرنسي الذي حكم عليه بالإعدام بسبب قصيدة شعر ضده، كما تأثر بنكبة فلسطين 1948 وهزيمة حزيران عام 1967، وما تلاها من تطورات سياسية، وظهر ذلك بأشعاره وكتاباته المختلفة، وتنديده بخذلان القادة العرب لقضايا الشعوب.

في 1949 أُرسل أبو ريشة من قبل الحكومة السورية إلى البرازيل ليمثلها، ثم في 1950 صدر قرار بتعيينه سفيرا لسورية فيها، ثم عام 1952 عُين سفيرا في الأرجنتين، وفي 1954 أصبح سفيرا في الهند، وبعد الوحدة السورية المصرية، عُين في 1959 سفيرا للجمهورية العربية المتحدة في النمسا، وفي 1961 أصبح سفيرا لسورية في الولايات المتحدة الأميركية، ليعود إلى الهند في 1964 كسفير لسورية من جديد، وبقي فيها حتى أُحيل إلى التقاعد في 1971.

اطلع خلال تنقله في تلك البلدان على ثقافاتها المختلفة، ونقلت مصادر مختلفة أنه أتقن ست لغات، إذ كان يقرأ الأدب والشعر باللغة التي كتب فيها ليتعمق بمعانيه أكثر، وهذا ما دعّم من معرفته وثقافته.

أبو ريشة الشاعر والأديب
ألف أبو ريشة في مسيرة حياته، عدة دواوين ومجموعات شعرية، وعدد من المسرحيات منها “ذي قار، ومحكمة الشعراء، وسميراميس، وتاج محل، والطوفان”.

عُين أبو ريشة عام 1948 في عضوية (مجمع اللغة العربية) في دمشق، كما أصبح عضوا فخريا في (الأكاديمية البرازيلية للآداب) ونال الوشاح الأكبر في الأرجنتين، كذلك أصبح عضوا فخريا في (المجمع الهندي للثقافة العالمية)، وأطلقت الحكومة الهندية اسمه على إحدى الصالات في معبد (كاجوراو)، كما منحته النمسا وشاح الثقافة، ونال في 1981 دكتوراه في الثقافة العالمية من (الجامعة العالمية)، بالتعاون مع الطاولة المستديرة لجامعة الآداب في العالم في توكسون أريزونا في الولايات المتحدة، كما كرمه لبنان بوسام الاستحقاق من الدرجة الأولى.

أشارت بعض المصادر إلى أنه خلال وجوده في الولايات المتحدة، توطدت علاقة الصداقة بينه وبين الرئيس الأميركي جون كيندي، وفي إحدى الجلسات قال له كيندي: “أنت رجل مبدع يا عمر، لو كنت أميركيا، لعينتك مستشارا عندي!” فأجاب أبو ريشة: “يا سيادة الرئيس، لو كنت أميركيا، لجلست مكانك”.

تقاعد أبو ريشة ووفاته

تزوج عمر أبو ريشة من منيرة مراد، ابنة أحد رجال الأعمال المقيمين في الأرجنتين، وقد رافقته في جميع رحلاته إلى البلدان التي شغل منصب السفير فيها. ويروي أحد أصدقاء عمر أبو ريشة أنه تزوج سرًا من السيدة سعاد مكربل عام 1980.  
بعد تقاعده انتقل إلى العاصمة اللبنانية بيروت ليعيش فيها، لكن بسبب تصاعد الحرب اللبنانية في سبعينات القرن الماضي، عاد إلى دمشق ثم غادر إلى المملكة العربية السعودية، وبقي فيها حتى وافته المنية في تموز/ يوليو 1990 على إثر جلطة دماغية، أدخلته إحدى مشافي مدينة الرياض، ليعود جثمانه بطائرة خاصة إلى مدينته حلب، ويحتضنه ترابها عن عمر ناهز الـ 80 عاما.

إقرأ أيضاً
فخري البارودي
سعد الله الجابري

%d مدونون معجبون بهذه: