الأنزور صانع الجوارح والمكائد على دم سوريا

بشراكم أيها السوريون الطيبون، استل الأنزور سيفه وامتطى فرسه وعلى بلاط ملكة الشرق زنوبيا حط الرحال.
بشراكم بالقائد الهمام رافع الغمام ومهرج الغلمان، الأنزور سليل الشجعان على مضارب التعفيش، في زمن الخديعة التي استطاع مال النفط الجبان في يوم ما أن يصنع منه نجماً في زمن السقوط العربي حين كان إبداعه فنتازيا تشبه هذا التاريخ الأصفر.
بشراكم بالفتى المقدام السيناتور نجدة أنزور القادم مع غلمانه ليخلصكم أيها السوريون الطيبون من الإرهاب، ويعيد لزنوبيا ألقها الذي افتقدته بجبنكم يا أبناء سوريا الجبناء الذين لم تشاركوا سيناتور سوريا الأول موائد الدم والتعفيش والرقص على جثث إخوانكم.
هو السيناتور نجدة أنزور ومن خلفه الأسد، وهو صائد الروائع العالمية ومبدع الجوارح والمكائد، هو من رقص على جثث أحياء حلب بفيلم “رجل الثورة” حين موّله رامي مخلوف صاحب سلالة العز والثروات أباً عن جد ورجل الخير والعطاءات الذي نهب حتى أجور مواقف سياراتكم وهربها للخارج، كذلك ما أنجزه الأنزور من عار تحت اسم فن عن نكبة داريا وشعبها الأبي.
السيناتور أنزور هو ذاته من أشرف على إخراج اعترافات المساجين للتلفزيون السوري لتروها على شاشاتكم، هي هنا خميرة إبداعه ولولا السلطة والمال لكان سجاناً يحمل سوطاً في أحد السجون ويصرخ بالسوريين الطيبين “بدك حرية ولا”، “معارض للسيد الرئيس يلي عم يطعميك لحمة ويعلمك ببلاش ولا”، هذا هو نجدة أنزور وهذا سقفه لولا ذاك المال وتلك الصفقات الخفية، وكذلك عوائد بترول سوريا المنهوب إلى قصر المهاجرين، وغسيل أموال يمتد عبر العواصم تحت اسم شركات إنتاج تدار جميعها من أروقة الأمن.
تشويه الحقائق
في فيلمه الجديد “دم النخل” يحاول سيناتور النظام أن يغلف صفقة داعش والروس ونظامه في اللعب بتلك المدينة لهدم سجنها الشهير الذي يؤرخ لتلك العقود القاتمة من عمر سوريا وعذاباتها، مضافاً إليها سرقة الآثار والنفط وتمرير الصفقات المشبوهة بداية من بغداد إلى دمشق عبر تدمر، يحاول الأنزور تمييع الحدث الأساس لنظام مأزوم ومهزوم على كافة الأصعدة، وهو يتلاءم مع نظام عالمي شارك بدفن السوريين أحياء، حيث يصبح من الطبيعي أن يتألق سيناتور بوزن أنزور ليلائم هذه الفترة التاريخية من اتجاه العالم نحو اغتيال إنسانية الإنسان وتحويله إلى وحش كاسر.
فيلم الأنزور يتحدث عن بطولات وهمية حصلت في مدينة تدمر، قلب فيه كل الحقائق عن جيش متآكل حيث أثبتت الشهادات التي سردها المجندون المساكين كيف تركهم ضباط النظام نياماً وغادروا مع الروس ليلاً كالخفافيش، ليتركوهم لمصيرهم بالتنسيق مع “داعش” كي يصطنع هؤلاء الضباط مع الروس نصراً وهمياً حينها، لكن للأنزور رأياً آخر عن ميزان الشجاعة وتدوين التاريخ برؤية السمسار الذي رفعه بزنس المتاجرة بدم الناس إلى مرتبة سيناتور، وهذا يكفي أن يسجل له في عهد نظام الأسد.
تعمد الأنزور في الفيلم التلاعب باللهجات لإظهار الطابع الطائفي للبنى السورية، من السويداء إلى اللاذقية وحتى لهجة أبناء المناطق الشرقية ليلقي عليهم تهمة التطرف.
قابل عدد كبير من السوريين ترهات الأنزور وتزويره لما حدث في تدمر بالكثير من الاستياء على مواقع التواصل، وبخاصة من أبناء محافظة السويداء الذين رؤوا أن الأنزور ومن خلفه نظام الأسد تعمدوا إظهار جندي جبان يتحدث بلهجتهم، وهذه تمثل رسالة من نظام الأسد لأبناء السويداء الذين رفضوا بغالبيتهم منذ البداية المشاركة بسفك دماء السوريين أوتعفيش بيوتهم.
ردود على الفيلم في وسائل التواصل
أوضح سلمان غانم في منشور طبيعة الفيلم قائلاً: “فيلم يصور الجيش العقائدي يحرر مدينة تدمر من الدواعش، وأثناء ذلك يعرض الجنود من المحافظات حيث يصور المحافظات الشرقية على أنها إرهابية بلهجة المنطقة ويصور الجندي الذي يخاف ويتخاذل باللهجة الجبلية، ويصور الأبطال باللهجة الساحلية”، ويضيف غانم: الفيلم “بموافقة وزير الثقافة، وأكيد لا يستطيع الموافقة إلا إذا أتته أوامر من فرع المخابرات، مع العلم أن المسؤول الأول حضر المشاهد الأولية”.
كتب فوزات رزق معلقاً: “لا أدري لمَ هذه الضجة التي أثيرت حول هذا الفيلم الذي يعتبر أن معيار الشجاعة هو قتل المواطنين السوريين ونهب أرزاقهم وتشريد أطفالهم ونسائهم. باعتقادي أن الفيلم كان وثيقة تبرئة لشباب السويداء من دم السوريين، إذ كان رداً على إحجام شباب السويداء عن الالتحاق بالجيش بعد أن تحولت مهمة هذه الجيش السوري مع الأسف إلى قتل وتشريد الشعب السوري. ومن نافل القول إن هذا الرفض لم يأت خوفاً ولا جبناً وإنما لإيمان هؤلاء الشباب أن دم السوري على السوري حرام”.
وعلق الدكتور يحيى العريضي على ما حصل بمنشور: “من صنع فلم /دماء النخيل/ ليس نجدت أنزور، لانه أجهل من ان يعرف الجبل وأهله، بل نظام الاستبداد الحاقد على شباب رفضوا قتل اخوتهم. أما أولئك الذين لاموا شباب الجبل، لعدم التحاقهم بجيش التعفيش، فإن صفة الجبن تخصهم حصراً ويستحقونها.
وكتب ماهر شرف الدين على صفحته في فيسبوك: عندما يفتتح بشار الأسد فيلماً لنجدت أنزور يُصوّر فيه الدروز بأنهم جبناء… والعلويين بأنهم أبطال… فهذا أمر لا يمكن أن يكون عفوياً، خصوصاً أن بشار سبق أن تحدَّث عن انزعاجه من مسألة رفض عشرات آلاف الشبان الدروز الالتحاق بالجيش. وأضاف “نعم نحن جبناء في ذبح أهلنا”.
فيما كتب عدنان عاصي معلقاً: “نجدت أنزور مخرج أصفر، سليل ثقافة تخريبية طائفية مقيتة جعلته مشهوراً ومسؤولاً”.
أيضاً علقت ايمان أبو عساف بمنشور قائلة: “نجدت انزورساقط عملك الأقذر.. لنا ذاكرة قوية جدا تحترم الأبطال وتزدري الخائن، ابدعت منافقا. ملقاً، كاذبا. مواربا. حاقدا، ليس فناً ماقدمت، بل احبولة. ورسالة بخسة، وكفيل التاريخ الحقيقي ان يضعك في مكانك المناسب، تبت صنيعتك …الفتنة”
وفي منشور لـ جبر عقل قال معلقاً: “كنا نقول أن تسليم تدمر لداعش مسرحية اخرجها النظام وكان ضحاياها أناس حقيقيون، ولكننا لم نكن نعلم أنها احداث لفلم عالمي، طلب مخرجه أن تكون أحداثه أكثر تشويق ليكون ضحاياه سوريين.، وتابع “لا فرق بين مسرحية الامس واليوم عند الدروز” ففي مسرحية تسليم القنيطرة كان الجبان والخائن ضابط درزي، وفي فيلم تسلم تدمر، وأيضا الخائن عسكري درزي”.وأضاف “شرف الخوف والخيانة لكل سوري حر لقضية كلها خيانة وحقد وثارات وعلل”.
وكتب معن أبو لطيف: “نجدت أنزور أن تنتصر حكومتكم على إرادة شعبها بقتلها لمليون إنسان وجلب المحتلين إليها، هذا بحد ذاته يقرر من أنتم”.
رأي داعم للفيلم
لكن ميس الكريدي كان لها رأي آخر بعكس أبناء بلدها، فكتبت على صفحتها تحيي الأنزور قائلة: “ردا على الانتقادات التي تحمل رياح مسمومة ضد فيلم دم النخيل، نجدت أنزور ألف مبروك وهنيئا لسورية سينما تواجه الارهاب يقدمها أمثالك، وتابعت: “مما لا يشق له غبار أن المخرج المبدع نجدت أنزور أحد أول المبدعين في مواجهة الارهاب والمشاريع الاخوانية حتى ماقبل الأزمة واليوم نشهد حالات من تسخيف القيم العليا تقودها مشاريع خارجية تستخدم السذاجة المحلية عند البعض، من خلال استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بحملات ممنهجة تقدم جرعات مشبوهة”.
الأنزور يهدي فيلمه للأسد
أما السيناتور أنزور فقدم الفيلم هدية لبشار الأسد بعيد ميلاده قائلاً: “لقد حرصنا أن يكون افتتاح الفيلم السينمائي “دم النخل” في الحادي عشر من أيلول.. علنا نقدم هدية لسيد الوطن في عيد ميلاده.. هدية تليق بصبره وصموده الذي يضاهي صمود أعمدة تدمر عبر الزمن”.
أضاف أنزور: “هذا الفيلم الذي تمنينا أن نقدمه نحن لسيادة الرئيس.. كان كرمه سباقا.. فقدم سيادته للفيلم ما جعلنا نتخطى الصعوبات التي كادت تعرقل العملية الإنتاجية.. فذللها حتى تأكد أن فيلما عن تدمر العريقة قد ولد.. ليخلد صمودها على شاشات السينما في سورية وفي الوطن العربي وفي العالم”.
خاتمة
هكذا في بلاد باكية على أبنائها وحظها العاثر في تلك العصابات التي استمرأت التطاول على قيمها الاجتماعية والثقافية، يصبح الأنزور رمزاً للإبداع ويصبح مسوقو الإرهاب والاحتلال أبطالاً حين تُغتال البلاد في وضح النهار والعالم أبكم أعمى أصم، بل داعم وميسر ومرحب.
طرح الفيلسوف والباحث الكندي المعاصر ألان دونو في كتابه (نظام التفاهة)، فكرة كيف أن التافهون أخذوا يسيطرون على العالم ليتحكموا بمصير البشرية، ومن هنا يمكن أن تكون الصورة جلية بوضوحها حيث تتاح الفرصة لأنزور وصحبه الأباطرة أن يتربعوا على عنق وطن مذبوح حيث ينهمر الدم السوري من مسالخ لا حصر لها، بما فيها ذلك النخيل النازف والبازلت المتألم.
حافظ قرقوط