رسالة إلى ميركل.. ليتكِ تعرفين العربية
العزيزة أنجيلا ميركل تحية وبعد..
وأنتِ تجلسين هذه الأثناء في منزلك تتابعين أعمالك في هذه الظروف الإستثنائية، التي يمر بها العالم بأسره وألمانيا بشكل خاص، أود أن أخبركي أنه ما أن نشرنا خبر مكوثك في الحجر الصحي لمدة أسبوعين بسبب تواصلك مع طبيب تبين أنه مصاب بفيروس كورونا، حتى أنهالت التعليقات الحزينة، ودعوات الشفاء العاجل رغم أننا كنا صادقين تماماً، ولم نقل أنكِ مصابة بالفيروس كما فعلت قناة العربية عن حسن أو سوء نية.
ليتك يا سيدتي تعرفين القراءة باللغة العربية، فبعض المشاعر تفقد قيمتها عند الترجمة، فهذا يصفكِ بأم اليتامى ويقصد أنكِ أصبحتي بمثابة الأم، للذين استقبلتهم بعد أن فقدوا أحبتهم بسبب الحروب وأصبح البلد الذي تحكميه، ملاذاً آمناً ووطناً بديلاً لهم. وتلك تدعوا الله لك بالشفاء العاجل وتحث المتابعين للدعاء لك، وآخرى تنوى القيام بصلاة استغفار على نيتك. وهناك من وصفك بالحنونة وهي صفة نطلقها عادة نحن العرب على أمهاتنا. وتلك تصفك بسيدة الإنسانية وملاك الرحمة. آه لو تعلمتي العربية… لكانت هذه الكلمات ولدت لديك طاقة كفيلة بطرد فيروسات وبكتريا وجراثيم وأمراض الدنيا.
أود أن أقول لك يا سيدتي أننا على اختلاف أدياننا وطوائفنا وقناعاتنا شعرنا بالحزن الشديد لمجرد احتمال ولو ضئيل أن تكوني مصابة بداء العصر. هل تعلمين يا سيدتي أننا نختلف على كل شيء في نقاشاتنا، وإننا لم نتفق يوماً على أي شخص من السابقين والمعاصرين فمنا من يعتبر صدام حسين مجرماً ومنا من يعتبره بطلاً، منا من ينظر إلى أردوغان على أنه خائن ومنا من يعتبره قائداً، إلا أنت يا سيدتي فقد اجتمع على محبتك والتعاطف معك في هذه المحنة، العلماني والإسلامي، الليبرالي واليساري، الفقير والغني، القديم في هذه البلاد والمستجد.
هل تعلمين يا سيدتي أني بعد سماعي خبر الحجر الصحي الذي وضعت نفسك به، ورؤيتي لتعاطف الناس معك قد كسرت عهداً قطعته على نفسي بأن لا أمدح أو أشيد بأي قائدٍ أو سياسي طالما هو أو هي على قيد الحياة. وكيف لا وأنا أراكي تبذلين قصارى جهدك وتعملين بكل تواضع لتحمي شعبك والقاطنين في بلادك من الموت القادم من الشرق المتمثل بفيروس يبدو أن الغدر أهم صفاته، بينما يتصرف ساكن البيت الأبيض بكل عنجهية ليظهر بمظهر المنقذ، وليمن على الشعب الأمريكي لكونه رئيسهم بهذه المرحلة، بينما يصر ساكن قصر المهاجرين في دمشق على الكذب ونفي أي أصابة في بلدي. هل تعلمين أن شعوبنا التي بمعظمها لا تؤمن بدور المرأة في الحياة العامة أصبحت تتمنى أن تحصل يوما ما على زعيمة تماثلك بالصفات والذكاء والمحبة لشعبها. فلقد مملنا في بلداننا من يحدثنا عن الفضيلة في الصباح ويمارس شتى أنواع الرذيلة في المساء، ومن يحاضر بنا عن الوطنية والتضحية في العلن، ويمارس الخيانة ويبيع ويشتري بنا في السر.
كلنا أمل أن تكوني غير مصابة بهذا الداء وتعودي إلى نشاطك في الخارج قريباً، لنحتفل سوياً بانتصار ألمانيا وباقي العالم على ما يسمى كورونا.
أمل برلين.. سامر مسوح