السياسة التعليمية لللاجئين السوريين في تركيا.. الجزء 2

صفوان قسام: باحث سوري
دراسة من عدة أجزاء
قوانين وإجراءات تعليم اللاجئين السوريين على أراض الجمهورية التركية:
يتضمن القانون الأساسي للتعليم الوطني التركي الذي سُن في عام 1973 المبادئ الأساسية للتعليم الوطني التي ترسم الاستراتيجية التركية نحو التعليم، وتحقيق الأهداف التي وُضعت على أساس “المساواة في التعليم” من دون السماح بالتمييز على أساس “العرق أو الجنس أو الدين” (والس، www.haramon.org ،1/4/2019)
وقد أقرت تركیا الحق في التعلیم في صلب قوانینھا. فالمادة 42 من دستور الجمھوریة التركیة تنص على أنه “لا یُحرم أي شخص من الحق في التعلم والتعلیم” وعلى أن “التعلیم الإبتدائي إلزامي لجمیع المواطنین من الجنسین ومجاني في مدارس الدولة“.
وفي 2012 تبنت الجمعیة الوطنیة الكبرى في تركیا مشروع قانون لإصلاح التعلیم یطیل مدة التعلیم الإلزامي من 8 إلى 12 عاما ویقرر القانون التركي لسنة 2013 بشأن الأجانب والحمایة الدولیة، الذي دخل حیز النفاذ في نیسان 2014 ، أن یتمتع المنتفعون بالحمایة الدولیة بحق “الوصول إلى التعلیم الإبتدائي والثانوي“.
كما تقرر لائحة الحمایة المؤقتة، الصادرة لاحقا في تشرین الأول 2014 ، أنه “یجوز تزوید المنتفعین… بالتعلیم” وأن الأنشطة التعلیمیة للأجانب “ستتم داخل وخارج [المخیمات] تحت رقابة وزارة التعلیم الوطني ومسؤولیتھا… اتفاقا مع التشریعات ذات الصلة الصادرة عن وزارة التعلیم الوطني” (Human Rights Watch ، http://www.hrw.org/ar، تشرين 2 2015). حيث تنص تعديلات قانون التعليم التركي رقم 15 من لائحة وزارة التربية والتعليم لمؤسسات التعليم الأساسي، المنشورة في الجريدة الرسمية رقم 28735 بتاريخ 14/8/2013 المطبقة في عام 2013 -2014 ، على أن كل طفل أتم 66 شهرا يجب تسجيله في المدرسة الإبتدائية عن طريق نظام المدرسة الالكترونية، وبإلتحاق الأطفال الذين تترواح أعمارهم من 60 إلى 65 شهرا الإلتحاق بالتعليم الإبتدائي، عند موافقة أولياء الأمور، والأطفال من 66 إلى 71 شهرا وترى أسرهم عدم جاهزيتهم للإلتحاق يتم تأجيلهم عاما واحدا حال تقديم تقرير طبي يبين ذلك، منحت التعديلا الجديدة الأهل حق إختيار بعض الدروس. (Ulukütük, 2017, 100).
أما عن تعلیم اللاجئین على وجه الخصوص فإن اتفاقیة حقوق الطفل تنص على قیام الدول الأطراف “باتخاذ التدابیر الملائمة لتكفل للطفل الذي یسعى للحصول على صفة لاجئ، أو الذي یعتبر لاجئا وفقا للقوانین والإجراءات الدولیة أو المحلیة المعمول بھا، سواء صحبه أو لم یصحبه والداه أو أي شخص آخر، وتلقي الحمایة والمساعدة الإنسانیة المناسبتین في التمتع بالحقوق المطبقة والموضحة في ھذه الاتفاقیة وفي غیرھا من الصكوك الدولیة الإنسانیة أو المتعلقة بحقوق الإنسان التي تكون الدول المذكورة أطرافا فیھا” (Human Rights Watch ، http://www.hrw.org/ar، تشرين 2 2015).
حقيقة أن 54 % من السوريين القادمين إلى تركيا (أكثر من 1 مليون شخص) من الأطفال السوريين أجبروا على ترك بيوتهم تدل على أن شريحة كبيرة جدا تحتاج إلى التعليم. لذلك، وضعت تركيا سياسات لتعليم الأطفال السوريين في سن التعليم الأساسي أولاً؛ حيث بدأ تعليم الأطفال في المخيمات التي أنشأتها AFAD باللغة العربية ومنهاج التربية السورية.
ومع ذلك ، فإن حقيقة وجود كتلة أكبر بكثير خارج المخيم لم تسمح للخدمات التعليمية بأن تقتصر على المخيمات وحدها. (Emın, www.setav.org, Şubat 2016) فتم صدور التعميم (رقم 2014/21) من وزراة التربية التركية، وتم تمديد الخدمات التعليمية للأطفال السوريين من داخل المخيم إلى خارج المخيم. وبالتالي، تم توفير التعليم للأطفال السوريين بلغتهم ومناهجهم في مراكز جديدة تم استحداثها للتعليم المؤقت وحتى مع معلميهم أنفسهم. وتم الإعتراف بحق كل الأطفال السوريين القراءة في المدارس العامة في تركيا من خلال رقم هوية الأجانب. (Emın, www.setav.org, Şubat 2016) (Human Rights Watch ، http://www.hrw.org/ar، تشرين 2 2015) (UNHCR، 2014، 9 – 14).
وتقدم المراكز التعليمية المؤقتة خدمات تعليمية باللغة العربية حسب المنهاج السوري المعدل وفق تعديل الحكومة الإنتقالية السورية ووزارة التربية التركية، وهي تشمل الروضة والإبتدائي والإعدادية والثانوية، داخل مخيمات 25 ولاية في تركيا، و 19 ولاية خارج المخيمات وساهمت فيها الأوقاف والجمعيات الخيرية والمحسنين خلال العام الدراسي 2014-2015 حيث تم تأسيس 34 مركز داخل المخيمات و 232 خارجها، وكان يعمل بها المعلمين السوريين طوعا تحت إشراف مديريات التعليم في الولايات بالتعاون مع معلمين وإداريين معنيين.
وتشرف وزارة التربية بالتعاون مع وقف الديانة التركية بإختيار المعلمين السورين المتطوعين (Ulukütük, 2017, 108 – 109). وأوضحت وزارة التعلیم الوطني موقفھا تجاه المعلمین السوریین في آب 2015 حینما أصدرت تصریحا یھدف إلى تصحیح تقاریر إعلامیة أفادت بأنھا تنوي توظیف معلمین سوریین: “إن الخبر الذي یفید بوجود دراسة لتوظیف معلمین سوریین من قبل وزارتنا ھو في الواقع دراسة للتعرف على المعلمین السوریین المستعدین للتطوع… بالمساعدة في مراكز [التعلیم] المؤقتة [في المخیمات]… ولا یتم تقدیم أجر للمعلمین السوریین العاملین في المخیمات على أساس تطوعي، ووزارتنا غیر ضالعة في أي نشاط آخر بشأن المعلمین السوریین ” (Human Rights Watch ، http://www.hrw.org/ar، تشرين 2 2015) وینص قرار تشرین الأول 2014 المتعلق بالحمایة المؤقتة على أنه: “تتحدد الإجراءات الخاصة بتوظیف الأشخاص المنتفعین بالحمایة المؤقتة بمعرفة مجلس الوزراء“، ویجوز للمنتفعین “التقدم إلى وزارة العمل والضمان الاجتماعي للحصول على تصاریح عمل للاشتغال في القطاعات والمھن والمناطق الجغرافیة… التي سیحددھا مجلس الوزراء“.
وعلیه فإن اللائحة تعترف من حیث المبدأ بإلتحاقیة الوصول المشروع إلى سوق العمل، (Human Rights Watch ، http://www.hrw.org/ar، تشرين 2 2015) وبحسب إعلان نائب رئيس الوزراء التركي نعمان قورتولموش بتاريخ 11/1/2016 بدأ منح السورين الحاصلين على بطاقة الحماية المؤقتة إذن العمل، وبالتالي صار ينطبق على من يحصل على إذن عمل قانون العمل التركي، وهذا شمل المعلمين السوريين العاملين في مراكز التعليم المؤقتة (Ulukütük, 2017, 108 – 109).
لقد تم توفیر الخدمات التعلیمیة في المدارس التركیة العامة وفي مراكز التعلیم المؤقتة نتیجة شراكة بین وزارة التعلیم الوطني التركیة وبین الیونیسیف ومفوضیة اللاجئین ومانحین آخرین. ورغم أن وزارة التعلیم التركیة مسؤولة في المقام الأول عن التنسیق والإشراف على تلك الخدمات، إلا أن الیونیسیف ومفوضیة اللاجئین یقدمان الدعم الفني والمالي. فعلى سبیل المثال، تشاورت وزارة التعلیم مع الوكالتین عند صیاغة التعمیم 2014/21 .
كما وفر الیونیسیف مساعدات تقنية لتسجیل الطلبة السوریین ورصدھم في قاعدة بیانات وزارة التعلیم التركیة (المعروفة باسم “یوبیس”)، وساھمت بموارد في تشیید مراكز التعلیم المؤقتة، وزود المعلمین السوریین المتطوعین في مراكز التعلیم المؤقتة بحوافز مالیة ودورات تدریبیة.
وقامت مفوضیة اللاجئین أیضا بتقدیم مواد تعلیمیة لمراكز التعلیم المؤقتة في المناطق الحضریة 2014 – 2015 ؛ ورغم أن وزارة التعلیم الوطني تقدر أن التكلفة الإضافیة لتعلیم الطلبة السوریین تبلغ 700 ملیون لیرة تركیة فإنھا لا تخصص موارد محددة لتعلیم اللاجئین السوریین، وإنما تسدد التكالیف ذات الصلة من داخل موازنتھا العامة، ومن ثم لا تتوافر بیانات أكثر تحدیدا عن إجمالي إنفاقھا على تعلیم اللاجئین السوریین بحسب تقرير هيومن رايتس ووتش. (Human Rights Watch ، http://www.hrw.org/ar، تشرين 2 2015).
السياسة التعليمية لللاجئين السوريين في تركيا.. الجزء الأول
السياسة التعليمية لللاجئين السوريين في تركيا.. الجزء 2
السياسة التعليمية لللاجئين السوريين في تركيا.. الجزء 3
السياسة التعليمية لللاجئين السوريين في تركيا.. الجزء4
السياسة التعليمية للاجئين السوريين في تركيا.. الجزء 5