السويداء والثورة
رهام فؤاد
ظُلمت السويداء ومن ثار منها وفيها منذ بداية الحراك الثوري السوري، بجرم مسمى “الأقلية” اذ اعتُبرت مشاركاتها خجولة في حين شهدت أغلب مناطق سوريا حشداً بخضم الثورة كتعبير ظاهر متمرد بسلوكيات جماعية واضحة للعيان من تظاهر وغيره, ولكن هذا لا يعني أن من خرج وتظاهر في السويداء لم يكن على مستوى الحراك الثوري حيث شارك على الاقل 2% من السويداء بشكل علني في سنتها الأولى للثورة العظيمة, تلك النسبة نفسها التي اسقطت حكم حسني مبارك في مصر!
شباب ونساء السويداء من عدة شرائح وكان أبرزها حملة الشهادات الجامعية شاركوا بالحراك الثوري وحتى الطلاب والحركات النقابية كنقابة المحامين تلك التي شهدت تصعيداً وموقفاً جلياً يؤرخ لها بعد محاصرة من بداخلها من محامين معارضين وثائرين عام 2012 م، حيث تمت محاولة رش المحروقات التي بقيت رائحتها ملازمة للباب الرئيسي للنقابة عدة أيام لاحقة, تلك المواد كانت بهدف حرق من بداخلها من قبل شبيحة النظام حيث تداعى الأهالي كباراً وشبانا بنخوةتهم رافضين ذلك السلوك الإجرامي المشين وبعد حرج السلطات المعنية الرسمية حتى تم فكهم باسم “فركة دينة” والعبرة لمن يعتبر فهذا مصير كل من يقول الحق ليخرج نقيب المحامين بنفس مساء ذاك اليوم على القناة السورية مبرراً ومؤكداً أن كل ما ذكر هو إشاعات..! وهذا فقط أحد الأمثلة من بين الكثير من الأمور التي قوبل بها أهل السويداء وثوارها.
كما أن شباب السويداء لم يتوان عن المشاركة في المظاهرات التي كانت تشهدها مناطق مختلفة كحمص وريف دمشق والميدان داخل العاصمة وغيرها على سبيل المثال لا الحصر من المناطق السورية أولا وأهلنا ثانيا, إضافة إلى ذلك كانت حملات الاعتقالات التعسفية وما لحقها من أذى نفسي وجسدي واستشهاد البعض تحت التعذيب بتهمة إيصال الإغاثة والدواء لبعض المناطق, عدا عن التضييفات والإزعاجات الامنية لأهالي اصحاب المواقف الوطنية المشرفة وما لحقه من أضرار نفسية ومادية واجتماعية نتيجة التخويف والترهيب والتهديد لكل من يقترب من هذه الشريحة المشرفة.
ربما أن أهالي السويداء لم يشاركوا بشكل مباشر على النطاق الأوسع اجتماعيا بشكل علني بسبب تلك الحملات من الترهيب ومخافة من البطش ومشاهد الدمار والنزوح التي تعرضت لها العديد من مناطق سوريا وتخلي دول العالم الحر عن دعم السوريين وتركهم لمصيرهم، لكنهم من جانب آخر قد شاركوا بطرقهم السلمية الراقية من احتواء وتقديم العون للنازحين من المناطق المتضررة من بطش النظام, ولم يكن ذلك كافيا بنظر البعض في حين تعاني السويداء من تضييق اقتصادي منذ سنوات طويلة قبل اندلاع الثورة وكان أثره الأشد من بعدها على مدى السنوات اللاحقة منها وذلك لعدة عوامل منها اتاوات حواجز النظام ومنها تسليم كلمة الفصل في السوق التجارية للانتهازيين وتجار الأزمة وتحييد أصحاب الضمير ومحاربتهم وزرع الفتن الداخلية بين أهالي المحافظة وكذلك بين أهالي الجبل والسهل بأثمان عالية لم يدفع ثمنها سوى الأبرياء من المختطفين بل تمت تصفية الكثيريين لا على التعيين والمستهدفون جهارا نهارا.
في هذا السياق كان أيضاً الذي لم يعلن موقفه صراحة وبقي على الحياد لم يسلم حتى بباقي مناطق سيطرة النظام الذي لعب دور المحارب لابن وابنة السويداء اينما حلو بما فيها داخل المعتقلات والسجون فتهاون السجان مع المعتقلين أحياناً بطريقة استعراضية سخيفة لخلق فتنة التمييز العنصري الطائفي بين سجناء الوطن “معتقلي الرأي” وأما في الحياة الطبيعية اختار خبزك او المحاربة فيك وبك وعليك !
وضعت المحافظة أمام مشاهد دامية لكم فمها واخراسها وهذا جزء من سبب الهجوم الحاد على السويداء والتفجيرات التي راح ضحيتها عدد كبير من المدنيين نتيجة مواقف ابنائه الرافضين الالتحاق بجيش الطغمة بداية من افتعال الفتن الداخلية والفلتان الأمني مرورا بهجوم داعش المنظم تحت رضا النظام وبتسييس مسبق منه، وصولاً إلى الأحداث الاخيرة في بلدة القريا التي راح ضحيتها خمسة عشر شابا مدنيا من خيرة الرجال.
وهنا تؤكد القوى الوطنية السياسية ‘كإعلان دمشق وتجمع القوى الوطنية’ والقوى المدنية المتمثلة بالهيئة الاجتماعية للعمل الوطني ‘الحاوية لكافة أطياف وشرائح المجتمع المدني والسياسي من مستقلين وأحزاب’ على الحراك السلمي كقوتين رديفتين للثورة ومكملتين لبعضهما البعض.
وهنا اتساءل هل ما يحصل للسويداء هو نفسه ما حصل ل مصطفى خليفة في القوقعة !
وهل عقل الحكمة في التمييز بين “ما هو مرغوب” وبين ماهو “سلوك جماعي جمعي سلمي”, يتطلب التحييد أو عدم الاعتراف بوجوده !!
عذرا فالثورة مواقف وليست فقط تظاهر وسيبقى الصوت عالياً يقول: الحرية للمعتقلين والشفاء للجرحى والعودة للمهجرين والرحمة للشهداء
عاشت سوريا حرة كريمة