تخطى إلى المحتوى

السياسة التعليمية لللاجئين السوريين في تركيا.. الجزء4

صفوان قسام..باحث سوري

الإجرءات القانونية لقبول السوريين في التعليم التركي:

سعت وزارة التربية الوطنية التركية من خلال التعميم رقم 21 لعام 2014 إلى صياغة لوائح جديدة تتعلق بتعليم الأشخاص المستفيدين من قانون الحماية المؤقتة؛ ونص التعميم على تشكيل لجان في كل ولاية تكون مسؤولة عن تنفيذ القرارات الواردة في اللوائح، واطلاق نظام اعتماد مالي من أجل المراكز التعليمية المؤقتة، والاكتفاء ببطاقة الأجنبي التعريفية كبديل لتصاريح الإقامة، لتسجيل الطلاب في المدارس الحكومية. وتكفل القوانين التركية حق الاستفادة من الخدمات التعليمية بالمجان لطلاب المرحلتين الإبتدائية والإعدادية من السكان المحليين والأجانب. (Ulukütük, 2017, 111).

وعلى الطلاب الأجانب الذين يرغبون بالتسجيل في المدارس التركية، مراجعة مديرية التربية في المحافظة التي يقيمون فيها.

هيئة تعليم المحافظة هي المسؤولة عن توزيع الطلاب على المدارس وتحديد الصفوف التي يقبلون فيها.

وحتى يتمكن الطالب السوري من الإلتحاق بالتعليم في تركيا يجب أن يكون مسجلا في السجلات الرسمية التركية ويحمل تصريح إقامة، أو هوية حماية مؤقتة، أو بطاقة أجنبي تعريفية، ويمكن تسجيله بمثابة “طالب ضيف” بمجرد تقديمه للحصول على هوية حماية مؤقتة، ويتم تسجيله رسميا بعد استلامها. وفي حال عدم توفر أوراق ثبوتية للطالب تثبت ما هو الصف الذي وصل إليه في سوريا، يتم عقد جلسة مع والدي الطفل من قبل لجنة تعليم الولاية ويخضع الطالب إلى اختبار شفوي وكتابي لتحديد أي صف وصل إليه. ومتابعة التعليم ابتداء منه. (Ulukütük, 2017, 107) (UNHCR، 2014، 9 – 14).

أما مراكز التعليم المؤقت فهي هيئات “مدارس” أنشئت من أجل اللاجئين السوريين. وهذه المراكز موجودة في المخيمات وفي بعض تجمعات المدن ويتم التعليم فيها باللغة العربية وبالمنهاج السوري المعدل.

وفي نهاية المرحلة الدراسية يعطى الطلاب وثيقة تبين مشاركتهم في المدرسة وإتمامهم المرحلة بنجاح مع بيان العلامة. يمكن للعائلات المقيمة في المخيمات مراجعة مدرسة المخيم مباشرة لتسجيل أبنائهم.

أما الموجودون ضمن المجتمع فعليهم مراجعة مديرية تعليم المحافظة في منطقة تواجدهم للتسجيل في مراكز التعليم المؤقت. وتكون مديريات تعليم المحافظة هي المسؤولة عن توزيع الطلاب على مراكز التعليم المؤقت وتحديد صفوف توزيعهم.

إن مراكز التعليم المؤقت غير متوفرة في كافة المدن ولا تستوعب كافة الطلاب. (UNHCR، 2014، 9 – 14). ويجري اغلاقها والحاق طلابها في مدارس التعليم النظامية.

وعلى خريجي المدارس الثانوية السورية الراغبين في الإلتحاق بإحدى الجامعات التركية التأكد من أن لديهم ما يلي: رقم هوية الأجانب الصادر من المديرية العامة لادارة الهجرة (ذات الرقم 99)، إثبات إتمام الصف الثاني عشر. نتائج امتحانات الطلاب الأجانب (YOS) التي تديرها الجامعة التي يرغب في التسجيل بها. إثبات إتقان لغة التدريس في الدورة التي سوف يسجل بها.

كما يمكن للطلاب الذين بدأوا دراستهم الجامعية في سوريا، ولكنهم لم يتمكنوا من إكمالها، أن يطلبوا من الجامعات الإعتراف بوحدات الدروس (الدورات) التي نجحوا بها. وإن قرار الإعتراف بالدورات التي تم اجتيازها في سوريا يتم من قبل كل جامعة وفق قوانينها، وقد يختلف من قسم إلى آخر. كما يمكن للطلاب السوريين الإلتحاق بجامعة الأناضول، الجامعة التركية التي تدرس عن طريق الانترنت وعن بعد.

وتعتبر الشهادات والدبلومات التي تمنحها جامعة الأناضول معترف بها في تركيا ودوليا. كما يقدم عدد من المؤسسات الأخرى برامج عن طريق الانترنت (مثل جامعة الشعب Coursera) ولا يعترف بالكثير من هذه البرامج كمؤهلات رسمية في تركيا ولكنها مفيدة في المساعدة على تحديث المعلومات ومساعدة الطلاب على الاستعداد للجامعة. 

وتقدم جامعة الأناضول دورات تركية مجانية على الإنترنت من المستوى (A1) إلى المستوى (B2). وهي متاحة لأي شخص يرغب في تعلم اللغة التركية. كما ويوفر معهد يونس إمري دورات لتعلم اللغة التركية عبر الإنترنت من المستوى (A1) إلى المستوى المتقدم (C1) ومن خلال “نظام التعليم عن بعد” الذي يوفره المعهد يستطيع الطالب تعلم اللغة التركية في أي زمان ومكان. ويمكن الحصول على المزيد من المعلومات والتسجيل في البرنامح عبر الموقع الإلكتروني لمعهد يونس إمري. (UNHCR،  https://help.unhcr.org/turkey/ar/information-for-syrians  ، 2019).

كما يمكن للاجئين السوريين المشاركة في دورات اللغة والمهارات والهواية والدورات المهنية المقدمة من مراكز التدريب الشعبية مجاناً. وكل مركز تدريب تبين الدورات التي ستفتحها ويمكنها فتح دورات جديدة تلبية للطلب المحلي. وبينت وزارة العمل والضمان الاجتماعي إلتحاقية مشاركة الأشخاص الموجودين تحت الحماية المؤقتة في برامج التدريب على المهارات المقدمة من قبل. وللتسجيل في الدورات المقدمة من مراكز التدريب الشعبية يجب وجود بطاقة هوية الحماية المؤقتة فقط. وعند استخدام الوثائق للحصول على التعليم في المدارس وهيئات التعليم العالي يجب أن تكون وثائق المدارس والجامعات الأجنبية ووثائق النجاح والعلامات والشهادات والكفاءات الأخرى مصدقة من قبل مديرية التربية في المحافظة. (UNHCR، 2014، 9 – 14).

اعتبارات الحكومة التركية لسياستها الاجتماعية تجاه تعليم اللاجئين السورين على أرضها:

في عام 2012، تمت محاولة تطوير سياسات تهدف إلى تعليم الأطفال السوريين على افتراض أن السوريين سيعودون إلى بلادهم، وأن هذه السياسات قصيرة الأجل تم إعدادها فقط للأطفال السوريين في المخيمات. وبحلول عام 2013، واستمرار الحرب الأهلية في سوريا وتصاعدها، ازداد عدد السوريين في تركيا يوما بعد يوم. لذلك، ركزت الحكومة على توفير الاحتياجات الإسعافية. لكن بدأت المشكلات التعليمية التي لا يمكن أن تأتي في المقام الأول في الوصول إلى الصدارة مع تقدم الوقت. وفي هذا الإطار، حاولت وزارة التعليم العالي إيجاد حلول لمشكلة التعليم للسوريين من خلال المنشورات والأنشطة المختلفة واستحداث المراكز التعليمية المؤقتة داخل المخيمات بين نيسان 2013 و يلول 2013. ومع وصول عدد اللاجئين في 2014 إلى 2 مليون نسمة تقريبا في تركيا، تم إعداد القانون الشامل الأول للاجئين وطالبي اللجوء، تحت قانون الحماية المؤقتة في نيسان 2014 رقم 6458 .

ودخل حيز التنفيذ في تشرين الأول 2014، وتم منح السوريون إلتحاقية الوصول إلى خدمات الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية الحكومية. (Emın, www.setav.org, Şubat 2016) وفي خریف 2014 بدأت وزارة التعلیم التركیة بتسجیل مراكز تعلیمیة مؤقتة خارج المخیمات بحیث یمكن دمجھا في الإطار التعلیمي الوطني. وفي حزیران 2015 ، أشرفت وزارة التعلیم التركیة أیضا، ولأول مرة، على إدارة امتحان شھادة البكالوریا السوریة (الممنوحة عند إكمال الدراسة الثانویة) والتي تعترف بھا. الجامعات التركیة.

وقد تقدم للامتحان وقتها ما یقارب 8000 طالب (Human Rights Watch ،  http://www.hrw.org/ar، تشرين 2 2015) ومن خلال تقییم للاحتیاجات التعلیمیة للأطفال السوریین من سنة 2014، وجد في جنوب شرق تركیا، أن 80 % من المستجیبین البالغین قالوا إنھم مستعدون لإرسال أطفالھم إلى المدارس التركیة إذا أمكن. لكن المعوقات كانت هي الظروف الاقتصادیة كمانع رئیسي أو صعوبة مؤثرة في الوصول إلى المدارس التركیة ومراكز التعلیم المؤقتة على السواء؛ واللغة أيضا كمانع أو صعوبة في ما یخص المدارس التركیة؛ والاندماج الاجتماعي مع الأطفال الأتراك كمشكلة؛ والجهل بإجراءات التسجیل، وسجلت بعض حالات الحرمان من الوصول إلى التعليم على أیدي إدارات المدارس دون وجه حق؛ وأحيانا غیاب مراكز التعلیم المؤقتة القریبة كان صعوبة أيضا.

باستثناء التركمان السوریین، تأتي معظم عائلات اللاجئین السوریین إلى تركیا دون معرفة مسبقة باللغة التركیة. وقد ذكرت اللغة من عدة فئات ومصادر كمانع رئیسي یحول دون الإلتحاق بالمدارس التركیة.

ویبدو أن تأثیر ھذا المانع مرتبط على نحو وثیق بالسن؛ فالتكیف مع المدرسة التركیة أسھل ما یكون على الأطفال الصغار لأنھم یتعلمون التركیة بسرعة. لكن فور بلوغ الصف الرابع أو الخامس یصبح الأمر أشد صعوبة. ولھذا لا یوجد سوى القلیل من الأطفال السوریین الأكبر سنا في المدارس. (Human Rights Watch ،  http://www.hrw.org/ar، تشرين 2 2015) ولذلك تم اعتماد اللغة العربية في المراكز التعليمية المؤقتة مع المنهاج السوري نفسه. لكن بما أن مناهج الدراسة السورية أظهرت اختلافات بين نظرة الجمهورية التركية إلى فترة الإمبراطوية العثمانية ونظرة الجمهورية العربية السورية وحزب البعث العربي الاشتراكي لها، والذي اعتبرها احتلالا، وتُعظم هذه المناهج دور الرئيس السوري وحزبه والقومية العربية؛ ما دفع وزارة التربية التركية من خلال الحكومة السورية الإنتقالية المؤقتة إلى التدخل في المناهج وتعديل بعض النقاط التعليمية فيه. (Ulukütük, 2017, 101-103)  بالإضافة إلى ذلك، تم فتح المدارس الخاصة من قبل بعض السوريين. ونظرًا لأن غالبية الأسر السورية لديها فرص اقتصادية محدودة للغاية ، فإن الطلب على هذه المدارس منخفض. (Emın, www.setav.org,  Şubat 2016)

وحتى تشرین الأول 2015 كان ھناك ما یقارب 708000 طفلا سوریا لاجئا أعمارھم بین 5 و 17 عاما في تركیا. ورغم أن حوالي 90 % من الأطفال في سن الدراسة الذین یعیشون في مخیمات اللاجئین ال 25 التي كانت تدیرھا الحكومة التركیة كانوا ملتحقین بالمدارس في 2014 إلا أن أطفال المخیمات لا یمثلون سوى 13 % من مجموع الأطفال اللاجئین السوریین في سن الدراسة.

أما خارج المخیمات فإن الوضع التعلیمي لھؤلاء الأطفال كان یبدو قاتما؛ فمعدلات الإلتحاق بمراكز التعلیم المؤقتة والمدارس العامة على السواء في 2014 تقدر ب 25 في المئة.. (Human Rights Watch ،  http://www.hrw.org/ar، تشرين 2 2015) ولذلك وفي مطلع العام 2015، قررت وزارة التربية التركية أن الاحتياجات التعليمية للأولاد السوريين لم تعد “مؤقتة”، وبدأت في العام الدراسي 2016-2017 إعداد الطلاب للإلتحاق بالمدارس الرسمية التركية..

وقد أدّى هذا الدمج الفوري لطلاب المرحلة الثانوية، إلى تسجيل معدلات تسرّب مرتفعة. (قدور، https://carnegieendowment.org/، 20 /11/ 2017) واستمر الدمج باتجاه إغلاق كل المراكز التعليمية المؤقتة وضم الطلاب السوريين والمعلمين السوريين على السواء إلى جسم التربية التركية. وتعتبر هذه العوامل: طول فترة الصراع ومشكلة تعلم اللغة والعامل الاقتصادي ومشاكل الدمج الاجتماعي والتسرب المدرسي والزواج المبكر وعمالة الأطفال؛ نقاطا مؤثرة في قرار الحكومة التركية حول القوانين التي سوف تسنها في مواجهة قضية تعليم اللاجئين السوريين في أرضها.

السياسة التعليمية لللاجئين السوريين في تركيا.. الجزء1
السياسة التعليمية لللاجئين السوريين في تركيا.. الجزء 2
السياسة التعليمية لللاجئين السوريين في تركيا.. الجزء 3
السياسة التعليمية لللاجئين السوريين في تركيا..الجزء 5

%d مدونون معجبون بهذه: