تخطى إلى المحتوى

وأنا أيضاً سأمجد قاسم سليماني

حافظ قرقوط

وأنا أيضا سأمجد قاسم سليماني.. لم لا فالمال يغري وأناقة المشهد تسيل اللعاب، إنه البطل الأكثر قناعة ووضوحاً، إذ استطاع أن يكسر القالب الذي اعتدنا عليه لعقود وربما لقرون بعيدة، حين كان الخائن يخجل ويتموه أو يختبئ بالزوايا..

سأمجده بكل صفات البطولة التي تمتع بها فالرجل كان صاحب سبق في ذلك حين عبر إلى وطن عربي ثلثه مشاع وثلث آخر مباع وثلثه الأخير للفرجة والبهجة حيث يديره الرعاع.

سأمجد قاسم سليماني ما استطعت، علني أجد إعلاماً عربياً يستوعبني في كتابة تقرير خبري أو مقدمة برنامج أو زاوية رأي في صفحاته، أو يمنحني شرف تقديم نشرة أخبار كاملة أو ربما تطوّرت مهاراتي وطريقتي بالشرح والاستفاضة وتنوعت مواهبي فيمنحني بضعة ملايين لأفتح أنا تلفازي ومحطتي الخاصة وموقعي الإلكتروني وأعوي ككل الذئاب على مائدة الثلث الأخير في هذا الوطن أي ثلث الرعاع وإن من بعيد.

قاسم سليماني البطل المقدام، لا.. فهذا اللقب أصبح مستهلكاً وسأسعى لأكون مبدعاً في البحث عن ألقاب أكثر دغدغة لمشاعر الثلث المباع، سأطلق عليه لقب “الكورونا”، إنه اسم عالمي ويظهر في مقدمة كل نشرات العالم الإخبارية والثقافية والصحية والنفسية ويتصدر صحف العالم ومواقعها وصفحات الفيس والتويتر والكثير غيرها، وقد أخلى بكفاءته حتى دور العبادة والمدارس والأسواق والمشافي وغيرها من روادها، سليماني لا يقل أهمية عن ذلك، بل تعداه إلى ما لم يستطع كورونا فعله، فسليماني الذي سُخرت له كبرى المحطات التي تمتلك في كادرها وخلف بهرجة شاشتها ما يُفترض أنهم مبدعو أمة بغالبيتهم من ثلثها المشاع والبعض من المباع لتمجيده، يتسابقون على جزء الرعاع حيث يكثر الذباب وتنمو الطحالب ببضع شعارات بعضها يغوص بالتراث وأخرى تتلحف بقضايا الساعة وتحركها أيادي مهرة ممن نبغوا فنالوا صفة أساطين إعلام الأمة بنكباتها وخيباتها، حيث يحتدم الصراع على قطعة حلوى تبين لاحقاً أن “كورونا سليماني” كان إحدى أهم أيقوناتها.

إنه “سليماني كورونا” الأكثر قوة من كورونا الذي أخلى كل تلك الأماكن.. فكورونا لم يهدم المدارس والأسواق ودور العبادة والمدن بل كان أكثر لطفاً حين اكتفى بطرد الناس من أماكنها المعتادة.. بينما سليماني التهم الأجساد ولم يوفر جماداً أو حياة.

سأمجد قاسم سليماني حتى الهيام.. وأقول له يا سيدي وملهمي ودمعتي في خشوعي وشدتي.. ويا فرحتي ولهفتي حين تظهر أسناني وأرفع إصبعي..

لعلي وأنا التائه في فهم معادلة الانحطاط ودرجاتها أجد في لفّة من ثنايا عباءتك خزنة ما ترقد فينشرح صدري.. أو ما تيسر من سخاء فارسي وإن بثوب عربي، لتمنحني فرصة ارتداء عباءة مرصعة كالمقاوم اسماعيل هنية.. أو تمتلئ ذقني بياضاً من عسل وهيبة كما الشيخ حسن نصر الله فيصبح تحت أمري حزب وحركة بل ربما دولة، أو أنال لقب مبدع أمة لأدير ثقافتها بما يلزمها من عنجهية وماكياج لتخبئ خلفها دناءة النفس المتنقلة التي تتاجر بآلام الناس بحشوها ببضعة شعارات وتجمع حولها بقايا ثقافة عرجاء امتدت لأكثر من نصف قرن ممن يعلكون الهواء على مآتم الناس والأوطان.. وإن سال لعابي أكثر قد أصبح حاكم دولة أتحكم بما أشتهي وأغدق على من أرغب وإن بدايتي كانت خلف متراس أو على باب ناد ليلي.

أنا العربي الذي قذفني وطني بعيداً عن ترابه ومنعني من العبور من أبوابه، لا ضير الآن إن أعلنت أني سأمجد “بطلاً” من غير بلادي تفوّق على كل من سبقه من محتلين، واستطاع لأول مرة بالتاريخ أن ينبش كل هذا العفن الذي فاحت رائحته من صدور أولئك الذين صدّقت الناس من ثقل آلامها أنهم رموز، نعم سليماني أنت سباق.. فلأول مرة يقف العميل علناً مهللاً بمن احتل أرضه وقتل أهله دون خجل أو وجل..

نعم فعلوها أولئك العرب ومازالوا.. وسيفعلون أكثر منها، حين تتدرج صفة البطولة لتصل إلى هذا القاع وتعوي الحناجر هنا وهناك فوق أكوام المآتم والجثث، فرحةً بما تيسّر لها من مال وبهرجة ومساحة، لتعلن عنوان عصر الانحطاط العربي بأوضح صوره حيث يصبح رموزه بضعة قتلة أو شحاذين على أبوابهم بصفة سياسي أو مقاوم أو إعلامي لهم جميعاً موهبة الفاجر حين تتحول القضايا كلها لجعجعة و.. نباح.. وتمتلئ البطون.. ويُتخم البسطاء بالمقابل بالكثير من الشعارات.

فعلها بعض العرب ومازالوا..

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

%d مدونون معجبون بهذه: