تخطى إلى المحتوى

مشهد مهول في وداع اللاجئين

حافظ قرقوط

فيما بكى حسن نصر الله بكاء شديدا حتى ابتلت لحيته، متأثراً بمؤتمر اللاجئين السوريين المنعقد في دمشق وقد أوجعه فراقهم.. أبكى معه النواب والوزراء وضيوف التلفزيونات الغيارى، كما أبكى الرئيس ميشيل عون الذي توجه إلى رب السموات بالدعاء علّ اللاجئين في ربوع بلاده ينتظرون قليلاً كي يقبّلهم نفرا نفر ويقول لهم: “استروا ما شفتوا منا يا جيراننا وأهلنا”، دون أن يتذكر حادثة البيجامة.

كما أثار المؤتمر عاطفة الرئيس سعد الحريري ومعه نبيه بري وحلفا يميناً معظما أن لبنان الكبير كان كبيرا بقلبه ووجدانه ولم يشحذ مالاً على أي لاجئ سوري، كما حلفوا أن الذئب بريء من دم أي لبناني من الحريري الأب إلى أصغر مكافح لأجل الخبز.

مدهش ذاك المؤتمر للاجئين في ربوع سوريا الحبيبة ونتائجه الاستثنائية، حيث الرئيس الوارث عهد الأب المؤسس الملهم، أصر على عودة أبنائه المشردين في أصقاع الدنيا إلى حضن بلدهم سوريا ودفء صدره المكتنز مروءة وعاطفة وكياسة، إذ قرر الرئيس بصفته كويس ومهضوم أنه وشعبه المقاوم سوف يصومون أياما وليال لتوفير الخبز والكرامة للعائدين أفواجاً وزرافات إلى الشآم.. وما أدراك ما الشآم بعهدة الأسدين ومن ولاهما راقصاً في ساحاتها منتشياً بنهجهما إلى أبد القهر أو القبر.

مشهد مهول استدعى من جامعة العرب العتيدة تنكيس راياتها خجلا من سنوات عجاف.

حينئذ وقبل أن ينطلق النشيد الوطني السوري المقاوم ليختتم المؤتمر الاستثنائي، سجل السيد بيدرسون وكيل المنظمة الأممية إلى عداد المؤتمرات العالمية لأجل السوريين مفاجأته العظيمة على سجل الزمن، إذ وردت أرقام الراغبين بالعودة من أصقاع الدنيا إلى سوريا يتصدرها السوريون في أوروبا، حيث أمضى غالبيتهم لياليهم الأخيرة على أبواب المطارات والموانئ والقطارات في انتظار لحظة الصفر، كما سجلت تركيا أرقاماً مفاجئة للعائدين، أما أمريكا فقد حلف وزير خارجيتها أنه لم يشاهد مطلقاً كهذا الحشد من الناس، حيث السوريون ملؤوا موانئ الولايات باتجاه الشرق إذ غاصت المحيطات بهم بسبب دموع فرحتهم بعودتهم للوطن الغالي.

المفاجأة الكبرى كانت من روسيا، إذ رفض اللاجئون فيها المغادرة، ملايين السوريين الذين استقبلتهم موسكو أخذوا يجهشون بالبكاء ويتوسلون فلاديمير بوتين باسم كل الآلهة أن لا يحرمهم هناء العيش في ظل حكمه العادل ورغد ما وفره لهم من أمن وكرامة.. أخذوا يهتفون في المدن الروسية، بالروح بالدم نفديك يا بوتين، فأبكوا الرجل الطيب جدا سيرغي لافروف ومعه وزير الدفاع الذي حلف أنه جرب كل الورود التي تنتجها موسكو ورماها بدربهم ليعودوا لكنهم أبوا إلا أن ينعموا بعاطفة بوتين اللهابة.

أثار المشهد الموجع القادم من روسيا مشاعر نظرائهم اللاجئين في طهران، هناك حيث أكد الملايين منهم أن الخامنئي كان يولم لهم يومياً آلاف الأضاحي، ويعلم أبناءهم بمدارسه النموذجية مع وجبات غذاء يومي كي لا يصيبهم نحول أو فقر دم، حلف الخامنئي ومعه روحاني أنهم ما ناموا ليلة واحدة قبل أن يطمئنوا على أن لا سوري نام جائعا أو مرتجفا في ديارهم، ولأجل هذا السخاء بكى السوريون في طهران حين سمعوا بمؤتمر يدعوهم للعودة، وصرخوا عاليا حتى اهتزت الأرض من حولهم “لبيك خامنئي”.. فبكى الرجل الزاهد كثيرا جداً كما نصر الله في لبنان وابتلت لحيته هو الآخر ولحى كل الأئمة في كل الأديان..

وإلى كل هؤلاء يمكن القول أيضاً إنه بكى على إثر ذلك المؤتمر كل من شاهد مشاهد السوريين يحضنون أطفالهم وهم على عتبات اللئام يشكرون هذا العالم على حسن الضيافة واللباقة وما إلى ذلك من آلام في هذا الزمن الأجرب.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

%d مدونون معجبون بهذه: