العلمانية في فكر الكواكبي

سمير البكفاني
رحم الله مفكرينا، رجال النهضة والإصلاح. ومنهم شهداء الرأي والكلمة الحرة، وفي هذا المقام لابد لنا من أن نُذَكِر بما قاله أحد شهداء الاصلاح والرأي الحر، والذي كان بمثابة وصيّة أوصى بها المفكر الشيخ عبد الرحمن الكواكبي، والتي لو تم تنفيذها والأخذ بها، لكان حالنا اليوم، غير الحال الذي نحن عليه، حيث قال:
“وههنا بحث لا بدّ أن اطرقه ولو كان قومي يخالفونني فيه وهو أنه يجب على الخاصة منا أن يعلموا العامة التمييز بين الدين والدولة.
لأن هذا التمييز أصبح من أعظم مقتضيات الزمان والمكان اللذين نحن فيهما فإذا لم يدركه عامتنا كان الخطر محيطاً ابداً بخاصتنا.
ولو سألت عامتنا اليوم عنه لوجدتهم يعتقدون أن الدين لا يقوم إلا بالدولة والدولة لا تقوم إلا بالدين وانهما متلازمان لا ينفك أحدهما عن الآخر، لأن الغرض المقصود من الدولة والغاية التي تسعى اليها في زماننا هذا هي دنيوية محضة، وأعني بها تأمين الناس على ارواحهم وأعراضهم وأموالهم وسن الشرائع العادلة لهم وانفاذها فيهم.
وأما الدين فالغاية المقصودة منه واحدة على اختلاف الزمان والمكان وهي صلاح الناس في هذه الدنيا حتى يدخلوا جنات النعيم في الآخرة”.
العلمانية، ليست الكفر والإلحاد كما يصورها الإسلاميون.
العلمانية، هي كما يصفها الكواكبي ببساطة، هي حيادية الدولة تجاه الأديان، واهتمامها بإدارة شؤون الناس، وتأمين حياتهم، ورفاههم وإقامة العدل بينهم. وتترك للدين أن يصقل سلوكهم، ويملأ قلوبهم بالمحبة والإيمان