حافظ قرقوط
أسماء.. ليس اسما واحدا بل أسماء، وفي لغة العرب كثيرة هي الألقاب والصفات والأسماء، فكيف إن تلونت بألوان الطبيعة حيث أنواع السحالي ويقال عن بعضها الزواحف وهي كما يتم تعريفها بذوات الدم البارد. وفي سوريا كثرت منذ عقود أنواع السحالي وتلويناتها مع سواد الطبيعة وارتدادات حرب شعواء فتنوّعت أسماؤها من التشبيح إلى التسليح إلى التسبيح بحمد إله ليس كإله البشر والخليقة بل مجهول النسب والأسماء ومعلوم البلاء، إله يشبه الحرباء ويتسلق على كل الجدران والنوافذ والجراح.
أسماء.. بعضها للأسد وبعضها للأخرس في وطن ابتلاه الخرس لعقود حين كان الأسد يلتهم أركانه ليراكم أسماءه هو الآخر، كالبطل الأول ونسر العروبة والقائد الرمز وبطل الصمود والتصدي والرياضي والطليعي والعامل والفلاح الأول وهكذا تزداد أولياته ليصل إلى المجرم الأول، ثم لزوجة ابنه متعددة الأسماء وإن اختلفت المعاني من بطل التشرينين إلى سيدة الياسمين وإن بنكهة الدم والقيح حيث لم يبق بالبلاد سوى أنات الثكالى وبقايا بيوت يسند أهلها بعض الدعاء والصبر بعدما استولت أنواع السحالي ذات السحنة الوطنية مستعينة بتلك الزاحفة عبر حدود لم تكن يوما تشبه خارطة وطن بل وجه تاجر ساوم بكل شيء ليبقي تلك البلاد باردة وشاحبة لتناسب ما يزحف نحوها من أفاع بسحنة آدمية ودم أبرد من وجه ذلك الوريث القاصر ذي الأسماء الأكثر حداثة كقائد لمسيرة التحديث والتطوير وطبيب العيون الذي لم تر عيناه سوى جيوب السوريين وأكبادهم وبقايا أعضاء أبنائهم فباعهم قطعا قطعا كسافل في سوق نخاسة.
هو سيد الوطن بتعدد الأسماء وفيلسوف الخطابة على طريقة غوار الطوشة، وكأن سوريا محكومة بكل أنواع الأسماء على قياس الحرباء، بين الفن والثقافة والعسكر، وبين حاكمها ومجلس شعبها وحزبها، حيث ازدادت الحراشف لتغطي جسد المدن والبراري.
أسماء على قياس حرباء في غفلة تعلن مرضها الخطر وتطلب ممن مصّت دماءهم والتهم زوجها فلذات أكبادهم أن يبتهلوا لها لتعود لتكمل وليمتها على أشلاء أحفادهم.. هنا لامجال للتخمين أو للتحليل السياسي، إذ شاءت أقدار السوريين أن تكون مصيبتهم مترافقة مع مصائب أمة متعددة الأسماء هي الأخرى ومتوارثة جيل بعد جيل، وشاءت الأقدار أيضاً أن تلهو بنا معارضة أشبه بضاربي المندل، يقيسون خطواتهم على طريقة دراما باب الحارة حيث فصائل الرز بحليب متعددة الأسماء هي الأخرى لتعمم الوباء تماماً كما مئات التنظيمات والتيارات والأحزاب ومراكز البحوث وما تفرخ منها مع غرف الواتس التي تحولت لمقاهي مجانية للقيل والقال.
هنا في هذه البلاد كثيرة هي الصفات والألقاب والأسماء وتكثر معها أصناف البلاء، لكن الحقيقة الجلية أننا شعب بلا وطن منذ أن قيل إننا فسيفساء جميل وإذ بنا قطع “بزل” تلهو بها أيادٍ لا حصر لها ولأسمائها..
