تخطى إلى المحتوى

دمشق غراد وسفير فوق العادة لقائد ملهم.. وخراب

حافظ قرقوط

ولأن الألم لم يعد بالإمكان رده عندما الدود ينعث بالجراح، حيث تصبح الاحتمالات كلها مفتوحة أمام جسد استنزف كل شيء، فقد عمد السوريون على تحويل مصائبهم بقديمها وجديدها إلى نكات ومزاح في وطن أصبح كل ما فيه مباح، كما وصل فيه نباح الأقارب على بعضهم في قصر الحكم لأجل ملياراتهم المنهوبة من ذات الوطن لأصقاع العالم المختلفة فيما لم تصل لذات القصر وساكنيه صرخة طفل داسته حوافر أتباعهم وجنازير آلياتهم.

في بلاد القيل والقال وألف ليلة وليلة لا شيء مستحيل، ها هي دولة المطرقة والمنجل والكي جي بي والفودكا ترسل مبعوثها الروسي على طريقة الصولد في ملاهي القمار، بصفته سفيراً فوق العادة في دكانة علي بابا الأسد المشرعة أبوابها على كومة خراب، أو كممثل شخصي لسوبر ستار الألفية الجديدة دون كيشوت عصره فلاديمير بوتين ليرفع راية القبطان العائد من سيبيريا بعد دفن أحلام أهالي الشمال الحزين ليشارك الفرس بدفن أحلام الشرق الأوسط، أو كقائد أعلى لجيش يبني امبراطوريته بين المزابل وحشيش المقاومين المنكّهه بدماء الأطفال وعبارات لبيك يا بترول، أو عراب المئة عام القادمة بعد سنين عجاف لتوزيع الولائم من بقايا جسد بلاد كان اسمها سوريا على المرابين والسفلة بعد أن نزفت لآخر قطرة كمحاولة لنبذ القيح قبل أن ترقص الدببة رقصة الوليمة بسكرتها الأخيرة محاطة بمراسم الشعوذة حين زكاها كهنة المعبد.

مبعوث روسي أعلى إلى أرض أصبح أعلى ما فيها رئيس لجمهور قيل عنه في بلاد الفودكا ذاتها أنه ذيل.. لم لا.. هو قائد ملهم لجمهور رمزه بوط وعسكر ومن الطبيعي أن يأتيهم مبعوث روسي أعلى في زمن الوباءات وإن على طريقة الدمى الخشبية فخر الصناعة الروسية حين تبتلع بعضها، هي سلسلة كآيات الله الفارسية لكن هذه المرة بطعم تلك الفودكا الروسية الأشهر، فلكل طقوسه في مزاراته وارتياداته، والمندوب السامي الجديد ربما يحمل آمال جمة مطلية بشعارات مبتكرة منها على سبيل المثال لا الحصر يا سفلة العالم اتحدوا بعد أن فشل مشروع ياعمال العالم اتحدوا، فبعض اليسار مازال عالقاً قبل باب هذه الألفية الجديدة ولم يصدق أن بوتين ليس لينين وإنما مخبر بعجينة بروليتارية محشوة بأتفه ما أنتجته الإمبريالية الغربية من ابتكارات.

في سوريا الأسد أو سوريا الذيل بكل ما فيها من مواخير، كان لا بد من مبعوث روسي بأناقة دولية ليكتمل المشهد من الدابي العربي مروراً بالكولد الذهبي كوفي أنان والأخضر العربي وديميستورا صاحب نظرية يا نساء سوريا اتحدوا وإن بلا وطن، وصولاً إلى حاكم عرفي على بقايا دمشق غراد أو مدن سوريا المنهوبة والمدمرة، نعم كان لا بد من مبعوث بروليتاري بأناقة عصرية ليكتمل المشهد بين ظلم استحوذ على كل أوصاف الجريمة وبين بقايا معارضة نالت وشماً أشبه بوسمٍ على مؤخراتها كأسوأ معارضة تنجبها شعوب الأرض على الرغم من شلالات الدماء السورية بائتلافها وحكومتها المؤقتة وأحزابها ومؤتمراتها ولجانها ومفاوضيها وكتبة دستورها وبائعي صكوكها ومراكز بحوثها وباحثيها تحت صفة مفكر ودكتور وأستاذ يرتدون فضائح عصر الانحطاط العربي حين تسللوا كثعابين بين أضلع هذا الشعب المسكين يبثون سموماً ويريدون جمهورا من البلهاء يصفّق لهم على طريقة أسدهم الذي بات جزءا من خيالهم بباطنيتهم، وفوقها فصائل ارتزاق نمت على جثث أهالي ومناطق بيعت واحدة تلو الأخرى.

نعم كان لا بد من تتويج البطولة على أرض الملعب ذاته بعد أن هاج كل الثيران فيه، فجاء المبعوث الروسي البوتيني البهي الطلعة “الكسندر يفيموف” بوكالة حصرية كمندوب مبيعات ومشتريات ومقتنيات ومزادات وبورصة ومصالحات ومنصات وجمهور يتقن الدبك بالساحات ويتقن تحويل الآهات إلى سبحات على أبواب الجوامع والكنائس وبقية المعابد في طوائف ببلاد أرخص ما فيها كان الإنسان.

بلاد الحرف واللغة والسوريالية بجعبتها الفضفاضة، التي استوطنها كل شذاذ الآفاق مؤخراً أراد لها بوتين توطين سفير فوق العادة كمبعوث أعلى له في خارطة ممزقة وشعب مهجر ومقابر مفتوحة ليل نهار، مبعوث يهدي الخمور والراقصات والبنادق الحديثة ويصدّر ما بقي من آثار وآبار ومرتزقة، ويحوّل بقايا جمهور الولاءات إلى اقتصاد النخاسة، حيث لم يبق في تلك البيوت البائسة ما يمكن بيعه سوى من بقي حياً يحلم بكسرة خبز لمائدة ومعدة خاوية وأمامه ذيل يلقي خطاباً على التلفاز وعداد مليارات تهرّب في جنح ليل. في بلاد كان اسمها سوريا.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

%d مدونون معجبون بهذه: