تخطى إلى المحتوى

“رصاصة أخيرة” رواية لحسن الخطيب عن وطن ينتظر صمت الرصاص

حافظ قرقوط- هاسبيديا

“قصتي  يا عم كقصة هذا الوطن الذي خانه بلحظة الزمن.. أما عمري فثلاثة عشر ربيعا وخريفين، جدتي لأبي تناديني مريم وجدتي لأمي تناديني فاطمة أما أنا فأحب أن ينادوني ريحانة… أنا من شرق الحالمين بالطحين حيث الحقول الحزينة. هناك كان بيتنا قبل أن تبتلعه الأرض مصادفة بإذن من نيزك بشري. أما والدي فصعدا إلى السماء يبحثان لي عن رغيف خبز”.

كان هذا بعض من حوار اقتطعته من منتصف رواية “رصاصة أخيرة” التي بين يدي، حيث يفصل هذا الحوار بين مرحلتين من حياة أسرة أبو وليد التي اختارها الكاتب حسن الخطيب لروايته “رصاصة أخيرة”، ففي رائحة تخرج من بين الكلمات لرغيف الخبز المفقود الذي ذهب والدا ريحانة للبحث عنه في السماء مغادرين وطناً أصبح هو الآخر بحكم المفقود، تكمن تفاصيل غرف الموت السورية حين تحولت شوارعها لمآتم لا نهاية لها وحدائقها لمقابر لا حدود لها.

في روايته التي بدأها الخطيب بمزيج اجتماعي يشبه نكهة الكوكتيل الأنيق، محاولاً وضع صورة بانورامية عن وطن اختاره ليحبه ويكتب عنه، فكانت العائلة المسيحية وتشعبات علاقاتها وصداقات أبنائها لندخل معها إلى كارثة وطن لم يسمه باسمه المباشر لكن لن يأخذ القارئ أكثر من عدة جمل ليكتشف أنه سيعيش بين تقلبات الأوراق في خارطة المأساة السورية.

عائلة مسيحية لديها ولدان، كل منهما أحب فتاة من طائفة إسلامية مختلفة، وما بين الحب والثورة والسجن والتشرد وضبابية الرؤية تتحرك الكلمات عن لسان الأبطال قدماً لتحرك الأحداث بتسارع لا يهدأ لنهاية بقيت كما الجرح السوري مفتوحة على احتمالات لا حصر لها.

قد يرى البعض أن هناك توصيفات مباشرة لا تحمل أكثر من رسم لمعالم الظلم، لكن الكاتب ربما رغب بتوثيق التاريخ بلا رتوش أحياناً عبر حدث يتطلب خلفية له، في الجامعة والسوق وتناثر صور رئيس البلاد، ومسالك الخوف التي تعمقت بالنفوس وكيف ابتدأت وتضخمت، ثم العسكر أو الجنود وجوعهم وإذلالهم في بلاد يحكمها العسكر أنفسهم لكن من شرائح أخرى، تبتز وتنهب وتقسو وترتشي وبالوقت نفسه تتخم الجميع بالشعارات.
قناص الموت الذي اختاره الكاتب كأحد أبطال الرواية والذي اعتقد أنه يقدم مهراً لعروسه مع كل طلقة تزهق روح إنسان كما طلب منه والد الفتاة التي أحبها، كان هو الرسالة التي ظهرت لنا بالتوازي مع تلاشي أسرته إلى النهاية، كيف أن عداد الموت حين يدور سيأخذ البلاد بكل ما فيها، ويقنص حتى الأحلام.

بعد أن حصلت على رواية الصديق حسن الخطيب، اعتقدت انني سأقرأها بوقت أستقطعه لأجلها، لكنها منذ أن فتحت صفحاتها الأولى اكتشفت أنني أستقطع الوقت منها لأشياء أخرى إلى أن أنهيتها، فقد أراد الصديق حسن لسوريا أن لا تغادر ذاكرة أبنائها لأنها بهذه المأساة لم تعد بلداً بل وجداناً علينا أن لا نتخلى عنه.

ومن مقدمة الرواية أقتبس للقارئ: “لست  أنا  حيث  أنا، لكن  حظي  العاثر جاء  بي  إلى  هنا”،  “قالها مخاطبا بندقيته قبل أن يلقي بها في الوادي العميق وُيتبعها بحذائه العسكري، الذي لطالما قدم له آلاف الخائفين السمع والطاعة. لم يرغب بأن يحمل في ذاكرته وجوه من رفضوا السجود،  فصاروا ضحايا  لرصاصاته، ولم  يرغب  أن  يتذكر وجوه من قبـلوا  بسطاره خوفاً من بدلته العسكرية ،أو ربما طمعاً بقربه للحصول على شيء من سلطة الجندي وجبروت العسكر.

كل ما أراده الرحيل..  الرحيل  فقط..!”

رواية: رصاصة أخيرة
الكاتب: حسن الخطيب

تصميم الغلاف: خالد الوهب

صادرة عن: دار نون 4 للطباعة والنشر في غازي عنتاب – تركيا

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

%d مدونون معجبون بهذه: